تحت شمس حارقة من شهر يوليو بولاية الطارف الواقعة في أقصى شمال شرق الجزائر، يتواصل تشييد مقطع 84 كيلومترا من الطريق السيار شرق-غرب الجزائري والذي تنجزه شركة سيتيك للإنشاءات الصينية ((CITIC CONSTRUCTION)) حيث يقوم العمال الصينيون والجزائريون بتعبيد الطريق بالأسفلت، وهم يتنافسون ضد الحرارة الشديدة لاتخاذ الاستعدادات النهائية لفتح حركة المرور.
وقال جطني بن عيسى، مدير مشروع 84 كيلومترا لمؤسسة الجزائرية للطرق السيارة في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا)) إنه يعتبر هذا الطريق ذو أهمية قصوى من حيث البعد الاقتصادي والتنموي والاجتماعي الكبير جدا، والانتهاء من إنجازه يعني الافتتاح الكامل للطريق السيار الذي يربط شرق الجزائر بغربها على مسافة 1216 كيلومترا حيث سيربط 17 ولاية جزائرية شمالية من أصل 58 ولاية تشكل الجمهورية الجزائرية، كما سيربط الجزائر بالدول العربية الأخرى.
وكانت شركة سيتيك للإنشاءات تشارك إلى جانب شركة سكك الحديد الصينية الدولية المحدودة في عملية بناء 528 كيلومترا من الطريق السيار شرق-غرب المعروف باسم "مشروع القرن" بين عامي 2006 و2012.
أما مقطع 84 كيلومترا، فإن شركة سيتيك للإنشاءات تبرز كشريك "منفذ" لإكمال المشروع الذي تخلى عنه المقاول الأول بسبب تضاريسه المعقدة وظروفه الجيولوجية، حيث كان "مشروع القرن" طريقا "مسدودا" بينما تم فتح بقية المقاطع أمام حركة المرور قبل سنوات.
وعند البحث عن مقاول جديد، اختارت مؤسسة الجزائرية للطرق السيارة الشركة الصينية سيتيك للإنشاءات كشريك لها من خلال مناقصة التفاوض بدلا من المناقصة العامة.
وقال محمد الخالدي المدير العام لمؤسسة الجزائرية للطرق السيارة "إنه خلال تعاوننا السابق في بناء الطريق السيار شرق-غرب، أظهرت سيتيك للإنشاءات التزامها بجميع القوانين والأعراف الدولية، حيث كانت حريصة على مساعدتنا في التغلب على تحدياتنا".
وهكذا، شرعت الشركة الصينية من جديد بناء الطريق السيار شرق-غرب، حيث استغلت سيتيك للإنشاءات، التكنولوجيا الصينية المتقدمة لضمان المعايير والجودة العالية.
وقد شهدت ولاية الطارف أوائل صيف هذا العام، أمطارا غزيرة غير اعتيادية استمرت لمدة شهر ونصف، مما حول ما كان ينبغي أن يكون "الموسم الذهبي" للبناء إلى فترة الفيضانات.
وقال الجيولوجي الجزائري آيت محمود "لقد عطل الطقس خطط العمل وأثر بشكل كبير على تقدم المشروع، فلو كان المقاول من دولة أخرى، ربما توقف عن العمل وفات موعد الإنجاز، لكنني أعلم أنه لا يوجد شيئ مستحيل مع زملائي الصينيين، أدرك تماما قدراتهم".
الجدير بالذكر أن سيتيك للإنشاءات لعبت دور رجال الإطفاء عدة مرات خلال عملية بناء مشروع 84 كيلومترا، فمثلا عندما اندلعت حرائق الجبال في شمال الجزائر في أغسطس الماضي، وأسفر عن مصرع العشرات من الأشخاص، استخدم موظفو المشروع آلات البناء لإنشاء حواجز ضد الحرائق عبر الغابات، وتم بنجاح احتواء انتشار الحرائق.
وخلال ذلك الوقت، تداولت وسائل الإعلام الجزائرية الرئيسية على نطاق واسع صور آلات البناء التي تحمل شعار سيتيك للإنشاءات وهي تشارك في عمليات إطفاء الحرائق، حيث ذاع صيتها على وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر مواطنون جزائريون عن امتنانهم للشركة الصينية واصفين إياها بـ "الصديق الحقيقي" ومذكرين بدعم الصين للشعب الجزائري خلال ثورة الاستقلال.
من جهته، قال تشي شو جي، نائب المدير العام لشركة سيتيك للإنشاءات في الجزائر، إن إطفاء الحرائق ليست سوى جزء صغير من وفاء الشركة بالمسؤولية الاجتماعية في عملية بناء الطريق السيار شرق-غرب، وعلى مدى السنوات الـ 18 الماضية، تبرعنا بمعهد لإدارة ومركز مراقبة الجودة، وقمنا بتدريب أكثر من 16000 موظف تقني جزائري وتوفير الفرص للمهندسين المحليين لتلقي التكوين في الصين.
أحد هؤلاء المهندسين هو محمد، الذي انضم لسيتيك للإنشاءات في عام 2008 بعد تخرجه من الجامعة للمشاركة في بناء الطريق السيار شرق-غرب، حيث أعرب محمد عن امتنانه قائلا إنه "بفضل الفرصة التي أتاحتها لي سيتيك للإنشاءات، اكتسبت معرفة واسعة وتمكنت من شراء منزل وسيارة" وقد تعلم محمد اللغة الصينية وهو يتحدث بها بطلاقة وقد أصبح أحد المديرين للمشروع.
بدوره قال محمد الصلاح كافي، المدير الجهوي للشرق لمؤسسة الجزائرية للطرق السيارة، إن المهندسين الجزائريين الشباب الذين اكتسبوا الخبرة بسرعة من خلال التعاون طويل الأمد مع زملائهم الصينيين، يتمتعون بمهارات عالية ويمثلون مستقبلا لصناعة البناء الجزائرية".