ذكر سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الصين علي عبيد الظاهري أن القمة العربية الصينية الأولى ستعمق التعاون عالي الجودة بين الإمارات والصين، كما ستوسع الشراكات بين الدول العربية والصين وتحفزها بصورة أكثر تنوعا.
قال السفير الظاهري في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا إن القمة العربية الصينية الأولى معلم هام في تاريخ العلاقات العربية الصينية، فطالما تربط الدول العربية والصين صداقة حميمة وشراكة جيدة، أما الروابط بين الإمارات والصين، فقد أصبحت نموذجا أكثر وضوحا للتعبير عن هذه الصداقة.
وأضاف الظاهري أن العالم العربي لديه روابط تاريخية عميقة مع الصين، إذ يرجع تاريخ التبادل الثنائي إلى عهد أسرة تانغ في القرن الـ7، وقد شهدت الأعمال التجارية المزدهرة في هذا العصر الذهبي القديم إطلاق خطوط تجارية جديدة، مما عزز تبادل المعرفة العلمية بين الجانبين في الطب والرياضيات وعلم الفلك وغيرها من المجالات.
أما اليوم، فقد عززت هذه الحيوية التجارية الشاملة والمميزة المنفعة المتبادلة بين الجانبين، لتصبح عصرا ذهبيا جديدا للعلاقات بين العالم العربي والصين.
وقال إن الإمارات العربية المتحدة والصين تربطهما قرابة 40 عاما من الصداقة والتعاون، وإن علاقتهما قد أصبحت نموذجا ناجحا للعلاقات الدولية. وفي السنوات الأخيرة، ازداد التفاعل على مستوى رفيع بين البلدين وتعززت الثقة السياسية والاستراتيجية المتبادلة بينهما.
وأشار السفير إلى أن الإمارات العربية المتحدة كانت من أوائل البلدان التي انضمت إلى مبادرة "الحزام والطريق"، بينما قام البلدان معا ببناء "الحزام والطريق" بشكل مثمر، حيث وقّعا العديد من مذكرات التفاهم وأقاما شراكات جديدة في مختلف المجالات.
وحسبما قال السفير الظاهري، تشكل الصين حالياً أكبر شريك تجاري للإمارات العربية المتحدة، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية بين البلدين 234 مليار دولار على مدى خمس سنوات خلت. وبين عامي 2018 و2021، ارتفعت التجارة الثنائية في المنتجات غير النفطية من 43 مليار دولار أمريكي إلى أكثر من 60 مليار دولار أمريكي، بزيادة نسبتها 40 في المائة. بينما تمارس أكثر من 6000 شركة صينية أعمالها في الإمارات العربية المتحدة حاليا.
وذكر أن الدولتين قد حققتا ترابطا غير مسبوق، من خلال بناء مشروعات رئيسية مثل المرحلة الثانية من محطة حاويات ميناء خليفة والمنطقة النموذجية الصينية الإماراتية للتعاون في الطاقة الإنتاجية، مشيرا إلى أن الإمارات العربية المتحدة تتطلع كمركز إقليمي للطيران والنقل والمالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى تعزيز إنشاء البنى الأساسية في إطار مبادرة "الحزام والطريق".
وأعرب السفير عن ثقته بأن نطاق هذه الشراكة بين البلدين سيستمر في التوسع والتنوع، مع إضافة مجالات جديدة للتعاون، بما في ذلك التخفيف من آثار تغير المناخ والابتكار والتكنولوجيا والأمن الغذائي وأمن الطاقة والخدمات المالية والتعليم والمساعدة الإنسانية الدولية.
ولفت السفير إلى أن الجهود المشتركة التي بذلتها الدولتان في السنوات الأخيرة لمكافحة جائحة كوفيد-19 التي تمثل تحديا خطيرا للعالم كله، تبرز تنامي الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين. ومع تعاون البلدين في مختلف المجالات مثل الاقتصاد والتجارة، والعلم والتكنولوجيا، والطاقة، والزراعة، والفضاء، فإن شعبيهما سيعملان على تعميق معرفتهما ببعضهما البعض وتعزيز علاقتهما على أساس متين من الاحترام والثقة المتبادلين.
وفي حديثه عن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني المقام في شهر أكتوبر المنصرم، هنأ السفير الحزب بعقد هذا الحدث السياسي الكبير، مشيرا إلى أنه بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، قد حققت الصين منجزات ملحوظة في تحسين معيشة الشعب وتحقيق تطورات كبيرة في مختلف جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وذكر الظاهري أن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني رسم خارطة الطريق لتنمية الصين في السنوات القادمة، ويعتبر هذا الأمر بالغ الأهمية خاصة وسط التحديات التي يواجهها العالم، لأن الصين اليوم هي محرك أساسي لنمو الاقتصاد العالمي.
ويرى السفير أنه منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، شهدت الصين نموا سريعا لأكثر من 40 عاما حتى أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. إن التنمية السلمية للصين تاريخية، وتؤثر بشكل إيجابي على مختلف دول العالم، وبشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط، فقد شهدنا استثمارات وتجارة ناشئة أتت من الصين إلى الشرق الأوسط.
وفي نفس السياق، يرى السفير أن ممارسة الإصلاح والانفتاح والتحول الاقتصادي في الصين وتجاربها نموذج يستحق الاحتذاء به في الدول الأخرى. أما الإمارات، فتسير حاليا على طريق التحول الاقتصادي من دولة قائمة على النفط إلى مجتمع مبتكر قائم على العلوم والابتكار. ومن هذا المنطلق، تبنت الإمارات إستراتيجيات وسياسات فعالة لغرس ثقافة الابتكار في مجتمعها، مؤكدا على أنه في المستقبل، يمكن للإمارات والصين ضخ زخم أقوى في تنمية التعاون في مجالات البحوث العلمية والتكنولوجيا والابتكار.
أشار الظاهري إلى أن الإمارات تتمسك بمبادئ التسامح والمساواة والكرامة والإبداع، وبصفتها لاعبا فعالا على المسرح الدولي، ظلت تسعى إلى تقديم مساعدات إنسانية، وتلتزم بتعزيز السلام والازدهار على الصعيدين الإقليمي والعالمي، من خلال تقديم الدعم التنموي والإنساني والخيري في جميع أنحاء العالم.
كما ذكر السفير أنه يجب التأكيد من جديد على تعددية الأطراف والتعاون الدولي وسط التحديات غير المسبوقة التي نواجهها حاليا، مشيرا إلى وجوب التزام الدول في جميع أنحاء العالم برؤية مشتركة للوحدة والشمولية والتعاون.
وأضاف السفير أن الإمارات والصين ملتزمتان بالكامل بالتعددية والسلام والاستقرار، والأهم من ذلك، أن كلتا الدولتين تضعان المستقبل في أولوياتهما، وتعملان بنشاط لتخطيط وتنفيذ مستقبل أفضل قائم على أساس الابتكار والعمل لضمان حياة أفضل لشعبيهما.