"هذه هي الصين، هذه هي الإمارات العربية المتحدة، نحن أصدقاء! أحبكم!"، هكذا عبر الطفل الإماراتي سليم يوسف (6 سنوات)، وهو يتحدث باللغة الصينية عن رسوماته بينما كان يقوم بإيماءة على شكل قلب أمام الكاميرا.
كان سليم أحد المشاركين في مسابقة الرسم الصينية للطلاب التي أقيمت في إطار مشروع "مائة مدرسة لتعليم اللغة الصينية" في دولة الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر من هذا العام. واجتذبت المسابقة أكثر من 3 آلاف طالب محلي، وحصل 12 طالبا على جوائز من المجموعات الأربع. وبدءا من المباني الصينية التقليدية وصولا إلى محطة الفضاء الصينية، عبّر الطلاب عن حبهم للصين ورؤيتهم الجميلة للصداقة بين الدول العربية والصين من خلال أعمال فنية.
وأشارت وثيقة بعنوان "تقرير عن التعاون الصيني العربي في العصر الجديد" نشرتها وزارة الخارجية بجمهورية الصين الشعبية في ديسمبر الجاري، إلى أنه في السنوات الأخيرة، واصلت الصين والدول العربية توسيع التبادلات الشعبية والثقافية وتعزيز الروابط الشعبية. لغاية أكتوبر عام 2022، أعلنت 4 دول عربية عن إدراج اللغة الصينية في منظومة التعليم الوطني لها.
وفي الإمارات العربية المتحدة، قدمت 158 مدرسة ابتدائية وثانوية وروضة أطفال مجموعة من دورات تعلّم اللغة الصينية، وفقا لما ذكره ما جيان فى، مدير مركز تعليم اللغة والتعاون التابع لوزارة التعليم الصينية.
أما في مصر، فقد أقيمت في سبتمبر العام الجاري مراسم إطلاق المشروع التجريبي لتعليم اللغة الصينية في المدارس المصرية، بالتزامن مع افتتاح الدورة التدريبية لمعلمي اللغة الصينية بمعهد كونفوشيوس بجامعة القاهرة. وتعد هذه الخطوة بمثابة إشارة البدء في إدراج اللغة الصينية كلغة أجنبية ثانية اختيارية مثل اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والألمانية في العام الدراسي 2022-2023 الذي سيبدأ في أول أكتوبر القادم.
من خلال دراسة اللغة الصينية، استطاع الشباب العربي تعزيز فهمه للصين وشغفه إلى معرفة المزيد عنها وعن أوجه تقدمها في مختلف المجالات بدءا من الثقافة التقليدية وحتى التكنولوجيا الحديثة. وقد اتضح ذلك من خلال مسابقة الرسم الصينية في الإمارات، حيث رسم العديد من الطلاب الإماراتيين أعمالاً فنية لرواد فضاء صينيين وعرب يسيرون في الفضاء معا، وعبروا بالكلمات عن أمل لديهم وهو "إرسال أعمالنا الفنية إلى محطة الفضاء الصينية!"
وفي سبتمبر من العام الجاري، أجرى ثلاثة رواد فضاء صينيين من داخل مركبتهم الفضائية "شنتشو-14" حوارا من الفضاء مع شباب من ثماني دول أفريقية منها مصر عبر رابط فيديو، وأجابوا على تساؤلات الشباب أثناء مهمتهم الفضائية. وسألت بسنت سيد خليل، وهي شابة مصرية تقوم بتدريس اللغة الصينية في جامعة القاهرة، رائدة الفضاء ليو يانغ عن التحديات التي واجهتها لتصبح أول رائدة فضاء صينية وكيف استطاعت أن تحقق حلمها. وكانت الإجابة ملهمة للشابة المصرية التي زارت الصين ثلاث مرات، حيث قالت إن رد ليو منحها الأمل في أن "المرأة تستطيع أن تنجز الكثير من الأشياء في نفس الوقت".
وأكدت بسنت أن الحدث الذي أقيم بعنوان "تحدث مع رواد الفضاء الصينيين" أصبح أحد أهم اللحظات المضيئة في حياتها، وقالت "تم نقل صوتي إلى الفضاء، وانتقلت كلمات رواد الفضاء إلي من الفضاء، إنه أمر مذهل". وبصفتها معلمة للغة الصينية، وجدت في السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا من الطلاب بمعرفة الإنجازات العلمية التي حققتها الصين في مجالات مثل الفضاء والهندسة الحيوية وتكنولوجيا المعلومات، وميلا من جانب الكثير من الشباب إلى الالتحاق بأقسام العلوم والهندسة عند دراستهم في الصين، رغبة منهم في نقل تجربة الصين إلى بلادهم للمساهمة في دفع التنمية المحلية.
ومع تعميق التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين والدول العربية، جاءت حماسة الشباب العربي إلى تعلم اللغة الصينية لتبرز خصائص "الجيل الجديد"، وهي أنهم يفهمون الثقافة الصينية ويتحدثون للآخرين عنها وينشرونها وذلك بطرق متنوعة: ومنهم الفتاة المغربية دينا العثماني التي بثت فيديوهات لها وهي تغني أغانٍ صينية في شوارع المغرب، لتحوز هذه الفيديوهات على إعجاب مستخدمي الإنترنت الصينيين والأجانب وتحقق أكثر من 100 مليون مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي. وقالت إنها تعتزم استخدام منصتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وإبداع المزيد من الأعمال من أجل الترويج للصين، وفي الوقت ذاته الترويج للمغرب والثقافة العربية الرائعة بين الصينيين.
أما المثال الآخر على هذا الشغف، فهو الشاب المصري مهدي أحمد الذي يدرس الماجستير في جامعة الخزف في جينغدهتشن، التي تعتبر عاصمة الخزف الصينية وتشتهر بتاريخها الطويل في صناعة أفضل أنواع الخزف. ويدور موضوع رسالة الماجستير التي يقوم بإعدادها الشاب مهدي حول "الخزف الصيني الأبيض والأزرق" والحروف العربية على الخزف من عهد أسرة تانغ إلى عهد أسرة مينغ، حيث ذكر مهدي في هذا الصدد أن الخزف الأزرق والأبيض يعتبر من الناحية التاريخية كنزا قدمته الحضارتان الصينية والعربية للعالم.
وفي ظل هذا الاهتمام من الجانب العربي، قال ما جيان فى إن "المشاعر الودية التي يكنها الطلاب من جميع أنحاء العالم للصين والثقافة الصينية تترك دائما أثرا عميقا في نفسي"، مضيفا بقوله إن "الشباب العرب الذين يدرسون اللغة الصينية كانوا الدافع وراء إقبال أصدقائهم وأقاربهم على تعلم اللغة الصينية وفهم الصين، وأصبحوا سفراء للصداقة الصينية العربية. ونحن نرحب بمساهمة الأصدقاء من شتى أرجاء العالم في تعزيز التبادلات بين حضارة الصين والحضارات الأخرى".