مع أن منتخب الصين لكرة القدم لن يكون حاضرا في بطولة كاس العالم "فيفا قطر 2022"، إلا أن الصين لن تفوت هذا العرس الكروي الضخم بل ستكون حاضرة فيه وبقوة من خلال مساهماتها الاستثنائية، سواء في منشآته أو بإدارة مبارياته مباشرة على العشب الأخضر.
وقال الحكم الصيني ما نينغ، وهو أحد الحكام الذين أختيروا لإدارة بعض مباريات مونديال قطر، في مقابلة صحفية مع وكالة أنباء ((شينخوا))، "رغم عدم تمكن المنتخب الصيني لكرة القدم من التأهل لبطولة كأس العالم 2022، غير أن الصين لن تفوت كأس العالم هذا".
وأضاف ما نينغ أن هناك ثلاثة حكام صينيين في المجمل، وكفريق تحكيم صيني سيديرون بعض مباريات البطولة باستثناء المباريات التي تلعب فيها منتخبات آسيوية.
ونوه إلى أن هذه المرة الأولى في بطولة كأس العالم التي يشارك فيها الحكام الثلاثة معا كفريق في كل المباريات التي سيديرها التحكيم الصيني.
وفي 19 مايو الماضي، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن قائمة حكام مونديال قطر 2022 على موقعه الرسمي، وتم اختيار ما نينغ ليكون حكما رئيسيا وتساو يي، وشي شيانغ، ليكونا حكمين مساعدين في البطولة.
ومن أجل تحقيق حلم المشاركة في إدارة مباريات كأس العالم، خضع الحكام الصينيون الثلاثة لاختبارات صارمة، بحسب ما نينغ الذي تحدث عن هذه الرحلة الحلم، قائلا "إذا أراد الحكام الصينيون المشاركة في مباريات البطولة، فعليهم اجتياز فحص الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أولا".
وذكر أنه قبل كأس العالم في روسيا ببضع سنوات، بدأ الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في تتبع وفحص جميع الحكام الشباب في آسيا، وبعد مونديال روسيا، جرى اختيار أكثر من عشر مجموعات من الحكام كمرشحين لإدارة مباريات مونديال قطر.
وبعد عام من التقييم والفحص، في عام 2019، اختار الفيفا أربع مجموعات من ضمنها فريق التحكيم الصيني، بالإضافة إلى حكام كأس العالم في روسيا، وشاركت إجمالا ثماني مجموعات من الحكام في الجولة النهائية من الاختيار.
واستمر التقييم الذي أجراه الفيفا من بداية عام 2020 حتى مرحلة مباريات المجموعات في دوري أيطال آسيا 2022.
وقال ما نينغ "كل جولة تقييم من قبل فيفا شاملة، بما في ذلك مراقبة التدريب البدني اليومي، والفحص البدني المنتظم، والاختبار النظري، واختبار الفيديو، واختبار اللغة الإنجليزية، وتقييم مستوى تطبيق قانون المنافسة وما إلى ذلك، ويتطلب الوصول إلى البطولة ألا تكون هناك أية عيوب أو أخطاء، وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا".
وأوضح أن فترة عملية تدريب الحكام طويلة جدا مثل تدريب الرياضيين، إذ أن فترة التقييم لحكام كأس العالم هي أربع سنوات، وخلال هذه الفترة بذل مجتمع حكام كرة القدم الصيني والحكام الصينيون الذين سيشاركون في إدارة مباريات كأس العالم "فيفا قطر 2022" جهودا قصوى.
وكشف ما نينغ أن الفيفا عقد دورة تدريبية للحكام المشاركين في مونديال قطر في مارس 2020، ومن أجل التكيف مع التدريب البدني المكثف والشاق واختبار فصل التدريب، ذهب ما نينغ إلى قطر قبل شهر واحد من افتتاح الدورة التدريبية، وبسبب ضيق وقت التحضير عاش لمدة 14 يوما في غرفة بسيطة تم تحويلها من مرآب.
وبالإضافة إلى المشاركة المباشرة للحكام الصينيين في كأس العالم بقطر، تلعب الصين دورا بارزا في مساعدة قطر على إنجاح مونديال 2022 لتكون بطولة مميزة من ناحية ملاعبها المونديالية ومستدامة تحافظ على البيئة كأحد الركائز الأساسية للخطط الاستراتيجية الخاصة باستضافة البلاد لأول بطولة كأس عالم محايدة الكربون.
ويعد استاد لوسيل، أيقونة ملاعب كأس العالم في قطر، وحافلات الطاقة الجديدة والنقل الكهربائي مثالا على التعاون الصيني - القطري والدور الذي تساهم به الشركات الصينية كي تحقق قطر غايتها في استضافة بطولة استثنائية.
وقالت المديرة التنفيذية لإدارة الاتصال باللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية فاطمة النعيمي في مقابلة مع ((شينخوا)) إن ملعب لوسيل الذي بنته شركة صينية، هو استثنائي بالنسبة لقطر ويمتاز بتصميمه الفريد وحجمه الهائل وسيحتضن فعاليات وأنشطة مهمة مثل نصف النهائي والنهائي ومراسم اختتام المونديال.
ويعد استاد لوسيل، الذي شيدته شركة سكك الحديد الصينية الدولية المحدودة، أكبر إستادات قطر وواحدا من أكبر الملاعب وأكثرها تقدما من الناحية التكنولوجية قيد الإنشاء حاليا في العالم.
ويتسع الاستاد لأكثر من 92000 متفرج، بما يزيد عن ألف مقعد عن استاد "عش الطائر" في الصين، ويعادل إجمالي كمية الفولاذ المستخدم في هيكل الاستاد ثلاثة أبراج مثل برج "إيفل" في فرنسا، كما أن التصميم والبناء يتوافق مع أحدث المعايير الدولية للفيفا والمعايير الأوروبية والأمريكية.
وأصبح إستاد لوسيل بإطلالته الأنيقة من المعالم البارزة في قطر والتي يفخر بها شعب البلاد، فقد طرح مصرف قطر المركزي في 18 ديسمبر العام 2020 الإصدار الخامس من الأوراق النقدية، وتم تضمين صورة الاستاد في النسخة الجديدة من الأوراق النقدية فئة 10 ريالات قطرية.
واستخدمت الشركة الصينية في تنفيذ مشروع استاد لوسيل تقنيات رائدة تجعل منه أحد الملاعب الأكثر توفيرا للطاقة والصديقة للبيئة في العالم، تنفيذا لالتزام قطر باستضافة أول بطولة كأس عالم محايدة الكربون.
وعلى المنوال ذاته، ساهمت حافلات الطاقة الجديدة التي قدمتها الشركات الصينية في تحقيق المفهوم الأخضر منخفض الكربون لكأس العالم في قطر.
وفي نوفمبر 2020، وقعت شركة الحافلات الصينية (يوتونغ) والمؤسسة الوطنية القطرية للنقل اتفاقية خدمة توريد المركبات لكأس العالم 2022، وبموجب الاتفاقية ستزود شركة ((يوتونغ*) قطر بـ 1002 مركبة خاصة للمونديال، بينها 741 حافلة كهربائية.
كما وقع الطرفان اتفاقية إطارية بشأن إنشاء مصنع لتجميع الحافلات الكهربائية في المنطقة الحرة بقطر، بإنتاج سنوي يتراوح بين 500 إلى 1000 حافلة تعمل بالطاقة الجديدة، بهدف تسريع عملية التصنيع في قطر بدعم من التكنولوجيا الصينية الفائقة.
وبعد نهاية المونديال، سيتم تشغيل هذه الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة كحافلات عادية، إذ تخطط قطر بنهاية العام الجاري لاستبدال 25 بالمائة من حافلات الركاب العادية بحافلات كهربائية. وبحلول العام 2030، ستصبح جميع الحافلات العادية البالغ عددها 4 آلاف خارج الخدمة وستحل محلها حافلات كهربائية.
وإلى جانب هذه المساهمات، يأمل ما نينغ أن يضيف الحكام الصينيون بصمة أخرى في كأس العالم بقطر ويكملون بنجاح مهامهم في إدارة مباريات المونديال، مؤكدا أن الصين ستواصل تقديم الدعم والمساعدة اللازمين لإنجاح استضافة قطر لهذه البطولة.