بتاريخه الممتد لحوالي 170 عاما ومنصته الذاخرة باختراعات لا حصر لها، قدم معرض إكسبو العالمي أثناء تنقله عبر العالم تقنيات مبتكرة غيّرت حياة البشر. وشهدت دوراته السابقة الظهور الأول لأجهزة مثل التلفاز والهواتف وآلات الأشعة السينية والشاشات العاملة باللمس وبدء رحلة تطويرها.
وخلال إكسبو 2020 دبي الذي تم تأجيله بسبب جائحة كوفيد-19 وانطلق في الأول من أكتوبر 2021 واستمر ستة أشهر حتى 31 مارس 2022، عرضت شركات صينية مئات الروبوتات في موقع إكسبو للتفاعل وخدمة السياح. وتم تجهيز هذه الروبوتات بتقنية الجيل الخامس (5G) التي تعد من التقنيات المتقدمة في مجال الاتصالات، بالإضافة إلى القدرة على رصد ورسم خرائط للكائنات باستخدام الذكاء الاصطناعي.
"انتظر، دعني أرتدي ملابسي"، هكذا قال الروبوت أوبتي، وهو يغطي عينيه بنظارته الشمسية ويلوح بيده لتحية الزوار. فالروبوت البرتقالي الذي يبلغ طوله مترا واحدا هو أحد الروبوتات الأمناء الثلاثة لتميمة إكسبو 2020 دبي. وهو قادر على تأدية رقصات وسرد نكات ومجهز بشاشات لمس متعددة وتفاعل صوتي.
أما الروبوت "يويو"، وهو على هيئة حيوان باندا، فقد جذب عشاق الثقافة الصينية في منطقة المعرض الفرعي الإيكولوجي الذكي، وكان محط أنظار وسائل الإعلام العالمية حيث كتب عنه موقع ((سكاي نيوز عربية)) قائلا إنه بمثابة "سفير لبكين" يجمع بين الصداقة والسلام والتكنولوجيا، "بما يعكس التقدم الصيني في التقنيات الحديثة".
يزن "يويو" 63 كيلوغراما ويبلغ طوله 1.3 متر ومزود بـ41 مفصلا على نحو يُظهر التقدم الذي بلغته الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. ويلعب "يويو" دورا في عرض الثقافة الصينية التقليدية، بما في ذلك الرسم وفن الخط ورياضة "تاي تشي" (أحد فنون الدفاع عن النفس الصينية القديمة)، إلى جانب إبراز تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل.
وتحت شعار "بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية - الابتكار والفرص"، ركز جناح الصين على أحدث إنجازات الدولة في مجالات مثل استكشاف الفضاء وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وهو ما قدم رؤية مستقبلية لحياة أفضل للبشر. واستعرضت الصين في جناحها عددا من النماذج التكنولوجية المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، واستطاع الجناح إبراز تجربة بكين في تكنولوجيا المعلومات، كما سلط الضوء على تقنيات النقل الحديث، والقطارات عالية السرعة، والحياة الذكية، واستكشاف الفضاء.
بالإضافة إلى "أوبتي" و"يويو"، ظهرت روبوتات صينية أخرى ومنها روبوتات جوّالة يمكن استخدامها في مجال الأمن بالحرم الجامعي وكذلك بمحطات مترو الأنفاق، حيث تكون مزودة بتقنيات التعرف على الوجه والتشخيص الحراري. وفي المعرض، كانت هذه الروبوتات تذّكر الزوار بضرورة السير في الممرات المحددة والالتزام بالتباعد الاجتماعي وبمتطلبات الوقاية والسيطرة الأخرى الخاصة بمكافحة كوفيد-19 والتي يجب اتباعها في الموقع.
أما الروبوت اللوجستي فقد لفت الانتباه أيضا حيث اُستخدم في نقل البضائع وغيرها من المواد، وفي حمل أرفف عليها كتب ومجلات للمطالعة وخرائط وكتيبات سياحية، وفي توزيع المشروبات والمرطبات في أرجاء المعرض، فضلا عن نقل المياه من مركز الإمداد.
وفي هذا الإطار، ذكر الدكتور أسامة عبدالرؤوف عميد كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة المنوفية بمصر، أن الصين بدأت مبكرا في المنافسة عن طريق تطوير أذرع الروبوتات التي تعمل في خطوط الإنتاج لديها وحققت تقدما كبيرا في ذلك الأمر، والدليل على هذا النجاح أنه بفضل الدقة العالية لأذرع الروبوتات الصينية في تصنيع اللوحة الأم للحواسب الآلية والخوادم، قررت العديد من المصانع على مستوى العالم ألا تصنع هذه الأذرع وتستوردها من الصين لأنها ذات جودة عالية جدا وسعرها منافس جدا.
وأشار إلى أن الصين قادرة أيضا على تصنيع أذرع روبوتات بشكل تعليمي مفتوح يمكن للمرء البناء عليه وتطبيق ما يريده عليه، مضيفا أن الصين تطورت من مجرد ورشة كبيرة لصناعة المنتجات في الماضي إلى دولة لديها الخبرات والمهارات الصناعية والتكنولوجيا وبراءات الاختراع وكل جديد في عالم الصناعة.
إن الروبوتات الصينية لم تظهر في إكسبو دبي وغيره من معارض التكنولوجيا فحسب، وإنما دخلت أيضا ضمن العناصر المستخدمة في الحياة اليومية بالدول العربية. وضرب الدكتور عبدالرؤوف مثالا على ذلك بتعاون الصين مع مصر في الجهود التي تبذلها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية لإنشاء وتطوير بنيتها التحتية الرقمية بجميع أنحاء البلاد، وأيضا بتعاون البلدين في الشبكة القومية المصرية العملاقة المرتبطة بالألياف الضوئية والتي سيتم الاعتماد عليها في تقديم كل الخدمات بمصر.
بالإضافة إلى ذلك، تعد الصين من أكثر الدول تقدما في مجال الزراعة الدقيقة ولديها جميع أنظمة الري وأجهزة الاستشعار المتطورة التي يرتكز عليها هذا المجال. وفي هذا الصدد، قال الدكتور عبدالرؤوف "إذا حدث تعاون بين مصر والصين في مجالي الزراعة الدقيقة والطاقة الشمسية فسيكون هذا التعاون كبيرا جدا بينهما لأن مصر حاليا تعمل على هذه المشروعات".
وشأنه شأن المحرك البخاري في عصر النهضة الصناعية، والمولد في عصر الكهرباء، والكمبيوتر والإنترنت في عصر المعلومات، أصبح مجال الذكاء الاصطناعي القوة الحاسمة لدفع البشرية إلى عصر الذكاء الاصطناعي. والآن، يمضى التعاون الصيني العربي في هذا المجال نحو تحقيق مستقبل أكثر كفاءة وسهولة.