أحمد اليافعي: الجالية العربية جسر للتعاون والصداقة الصينية العربية

2022-02-07 10:27:08|arabic.people.cn

FOREIGN201812191317000116938375541.jpg

أحمد أثناء حملة الجالية العربية للتبرع لضحايا زلزال ونتشوان عام 2008

أحمد اليافعي، تاجر يمني ورئيس مجلس الجالية العربية واليمنية بجنوب الصين، يعيش في مدينة قوانغتشو جنوب الصين منذ 19 سنة. غادر أحمد بلاده اليمن في سن السابعة عشر قبل 38 عاما، حيث أقام في البداية سنتين في السعودية والإمارات، ثم انتقل إلى بريطانيا وأقام فيها 3 سنوات. ثم ارتحل مرة أخرى إلى أمريكا وكندا، فأقام فيهما 16 سنة كاملة. وفي عام 1999، انتهى به المطاف في الصين. 

لم تكن أولى تجارب أحمد مع الصين ناجحة، فحينما كان يعيش في أمريكا، أراد أن يستورد السّلع من الصين إلى السوق الأمريكية، لكن بسبب خطأ من الوسيط التجاري، وعدم درايته الكافية بالمواصفات والمعايير الأمريكية، تعرّض أحمد لخسارة أولى صفقاته للاستيراد من الصين، كلفته 50 ألف دولار. 

لكن هذه الخسارة لم تُثنِ أحمد على مواصلة اهتمامه بالسوق الصينية، فقد كان يدرك حجم الفرص التي تعجّ بها هذه السوق الناشئة والضخمة. فصمّم على المجيء إلى الصين لتعويض خسارته، وتأسيس شركة بقوانغتشو، يمكنه من خلالها أن يساعد التجار العرب والأجانب على استيراد السلع من الصين وتجنيبهم الخسائر. ومن ثمّ قام بتسليم أعماله في أمريكا إلى قريبه، وانتقل إلى الصين، ليبدأ رحلة جديدة في بلد جديد لا يتحدث لغته ويطارده فيه شبح الخسارة. 

"في الحقيقة، حينما قدمت إلى قوانغتشو كان يعتريني بعض الخوف. فقد كنت أقضي حياة جيدة في أمريكا وكندا. بينما كانت الصين مجهولة بالنسبة لي، ولم أكن أتحدث لغتها، كما تعرضت فيها لخسارة مالية كبيرة. ولم يكن من السهل إيجاد المطاعم العربية والأطعمة الحلال. لذلك كنت أجلب معي مؤونتي من الأطعمة في كل مرة أعود فيها إلى أمريكا"، يقول أحمد.

لكن هذه المخاوف سرعان ما تبدّدت، بعد أن تيسرت أعمال أحمد التجارية في الصين، ومع تزايد عدد العرب والأجانب بقوانغتشو، تزايد عدد المطاعم العربية والمنتجات الحلال وأصبحت حياة أحمد وعائلته في الصين أكثر سهولة. لكن أكثر ما جذب أحمد لمواصلة الإقامة في الصين هو التطور السريع الذي شهدته خلال فترة اقامته فيها، "لقد كان بإمكاني أن أقيم في عدة دول أخرى، لكنني وجدت الصين الأسرع تطورا في العالم، وهذا ما جذبني لمواصلة عملي وحياتي هنا منذ ما يقرب العشرين عاما."

FOREIGN201812191318000485573410471.jpg

FOREIGN201812191315000565173348969.jpg

حملة التبرع العربية في الصين لزلزال ونتشوان 2008

إلى جانب العمل في التجارة، كان أحمد أثناء إقامته في الصين نشطا في الأعمال التطوعية. وهو في الوقت الحالي يرأس مجلس الجالية العربية واليمنية بجنوب الصين. ويقول أحمد إن فكرة تأسيس مجلس الجالية العربية بدأت أثناء زلزال ونتشوان في عام 2008. "حينما ضرب الزلزال محافظة ونتشوان من مقاطعة سيتشوان، شعرنا نحن رجال الأعمال العرب المقيمين في الصين بأننا جزءا من المجتمع الصيني. فقد استفدنا من أعمالنا وحياتنا في الصين، وعلينا أن نرد بعضا من الجميل للشعب الصيني. " 

فور حدوث زلزال ونتشوان، تواصل أحمد وأصدقائه مع مختلف الجنسيات العربية المقيمة في الصين، واختاروا ممثلين عن كل بلد، وأطلقوا حملة تبرّع جمعوا خلالها 2 مليون يوان. ثم اشتروا بهذه الأموال ملابس ومواد إغاثة وأرسلوها إلى منكوبي الزلزال. اعترافا بهذا العمل الخيري الذي أشرف عليه أحمد وأصدقائه من العرب الآخرين، تمت دعوة أحمد وبعض زملائه إلى بكين من قبل نائب رئيس مجلس الدولة، الذي عبّر لهم عن شكره على مشاركة الجالية العربية في جهود الإغاثة. كما أرسلت حكومة مقاطعة سيتشوان شهادة شكر إلى أحمد ورجال الأعمال العرب. 

وأثناء تنظيم قوانغتشو لدورة الألعاب الآسيوية 2010 شارك مجلس الجالية العربية في أعمال التطوع، إلى جانب تعريف المتطوعين على ثقافة وتقاليد العرب، وتبرّع المجلس بما يزيد عن 10 ملايين يوان لبناء مسجد جديد يسع الأعداد الكبيرة من المصلّين الذين توافدوا على قوانغتشو خلال فترة تنظيم الألعاب. وفي عام 2014، وبطلب من الجمعية الإسلامية في قوانغتشو، أطلق مجلس الجالية العربية حملة تبرّع لفائدة قرية صينية فقيرة، جمعوا خلالها 400 ألف يوان.

إلى جانب الأنشطة التطوعية، يقوم مجلس الجالية العربية بتقديم خدمات الإحاطة للعرب المقيمين في جنوب الصين، من خلال تعريفهم على القوانين والتقاليد الصينية، وتوجيهم إلى الجهات الحكومية والخدماتية التي يحتاجونها. ويقول أحمد بأن مجلس الجالية العربية يمثل جسرا للصداقة بين العرب والصين.

FOREIGN201812190948000089150253968.jpg

شهادة شكر من محافظة ونتشوان لجهود أحمد الخيرية في زلزال ونتشوان 2008

FOREIGN201812190948000179939700268.jpg

شهادة شكر لمجلس الجالية العربية بقوانغتشو من حكومة الشعب بمحافظة ليان نان ذاتية الحكم لقومية ياو

في عام 2012، استقبلت الجالية العربية في جنوب الصين مولودها الجديد-” منتدى رجال الأعمال العرب"، الذي ترأس أحمد دورته الأولى عبر التزكية. ويقول أحمد أن منتدى رجال الاعمال العرب، قد بات يمثل مكوّنا جديدا في تعزيز العلاقات العربية الصينية. حيث ينشط بين الجانبين، ويجري زيارات إلى مختلف الدول العربية لدعوة الجهات الرسمية للمشاركة في المعارض الصينية، إلى جانب توجيه الشركات الصينية نحو فرص الأعمال الجديدة في الدول العربية. كما يتواصل المنتدى مع غرف التجارة والسفارات العربية للتعرّف على آخر استراتيجيات وسياسات التنمية في مختلف الدول العربية، وتعريف المستثمرين الصينيين على هذه الفرص. ويقول أحمد أن المنتدى يطمح في الوقت الحالي لتنظيم معرض صيني دولي في دولة عربية، لتوفيق فرص التعاون بين المستثمرين من الجانبين. 

من جهة أخرى، يرى أحمد أن خطة الصين الرامية إلى توسيع وارداتها، قد فتحت فرصا جديدة لرجال الأعمال العرب لممارسة الأعمال في الصين، ووسّعت آفاق دخول المنتجات العربية إلى السوق الصينية. ويضيف أحمد بأن العديد من المستثمرين العرب باتوا أكثر اهتماما بقطاعات التكنولوجيا الجديدة والتجارة الإلكترونية. وقال إنه بعد أن شهدت أعمال رجال الأعمال العرب في الصين ركودا نسبيا في عام 2017، بسبب الحروب وعدم الاستقرار وتغير القوانين في بعض الدول العربية. شهد حصاد عام 2018 تحسنا ملحوظا، وأبدى تفاؤله بمناخ الأعمال في الصين خلال عام 2019. 

بصفته رئيسا لمجلس الجالية اليمنية في جنوب الصين، قال أحمد أن الجالية اليمنية، تعد واحدة من أكبر الجاليات العربية في الصين، حيث تضم عددا كبيرا من رجال الأعمال والتجّار والطلبة. وأن هناك مئات اليمنيين المقيمين في الصين منذ ما يزيد عن 30 سنة. وأشار أحمد إلى أن أفراد الجالية اليمنية في الصين بصدد مساعدة العائلات المتضرّرة من الحرب الدائرة في البلاد، وأنهم أكثر تحمسا لمساعدة اليمن في اعادة الإعمار بعد نهاية الحرب. وأضاف أن الجالية اليمنية في الصين يمكنها مساعدة اليمن بعد الحرب سواء من خلال جلب المستثمرين الصينيين أو نقل التجارب الصينية الناجحة في التنمية والإصلاح. واعتبر أن اليمن تمثل فرصة استثمارية هامة بالنسبة للشركات الصينية بعد نهاية الحرب، خاصة في مجالات الإنشاء والبنية التحتية.